من علامات السعادة والفلاح: أن العبد كلما زيد في علمه زيد في تواضعه ورحمته، وكلما زيد في عمله زيد في خوفه وحذره، وكلما زيد في عمره نقص من حرصه، وكلما زيد في ماله زيد في سخائه وبذله، وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم.
وعلامات الشقاوة أنه كلما زيد في علمه زيد في كبره وتيهه، وكلما زيد في عمله زيد في فجره واحتقاره للناس، وحسن ظنه بنفسه، وكلما زيد في عمره زيد في حرصه، وكلما زيد في ماله زيد في بخله إمساكه، وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في كبره وتيهه.
وهذه الأمور ابتلاء من الله وامتحان يبتلي بها عباده، فيُسعد بها أقوام ويشقي بها أقوام.. وكذلك الكرامات امتحان وابتلاء كالملك والسلطان والمال.. قال تعالى عن نبيه سليمان لما رأى عرش بلقيس عنده: ( هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر )..
فالنعم ابتلاء من الله وامتحان يظهر بها شكر الشكور وكفر الكفور، كما أن المحن بلوى منه سبحانه فهو يبتلي بالنعم كما يبتلي بالمصائب، قال تعالى: ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن.. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن.. كلا )..
أي ليس كل من وسَّعت عليه وأكرمته ونعَّمته يكون ذلك إكراما مني له.. ولا كل من ضيَّقت رزقه وابتليته يكون ذلك إهانة مني له..
الفوائد - لابن القيم