بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. أما بعد:
فإن الإسلام دين صفاء ونقاء وأُخوَّةٍ ومودة.. يظهر ذلك جليّاً في آيات كثيرة من كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.. أسأل الله عز وجل أن يعيننا على أداء حقوق الأخوة الصادقة وأن يجمعنا وأحبتنا تحت ظل عرشه أخوة متحابين.
إن الإنسان وهو يسير في هذه الدنيا ويقطع مراحل حياته فيها.. يحتاج إلى من يؤانسه في الطريق ويسلي وحدته في السفر.. ويكون له عوناً عند نزول الملمّات والحوادث، يفرح لفرحه ويحزن لحزنه.. أصاب من الدين أوفره ومن الأدب أكثره.. جمع الله له بين الدين والخلق.. إنه الأخ المسلم الناصح المشفق.. صاحب الخلق والدين.
ولا يخفى أن ثمرة الخلق الحَسَن، الألفة وانقطاع الوحشة، ومهما طاب الثمر طابت الثمرة، وكيف وقد ورد في الثناء على نفس الألفة.. سيَّما إذا كانت الرابطة هي التقوى والدين وحب الله من الآيات والأخبار والآثار ما فيه كفاية ومقنع..
قال الله تعالى مظهراً عظيم منته على الخلق بنعمة الألفة: [ لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ].. وقال تعالى: [ فأصبحتم بنعمته إخواناً ] أي بالألفة..
ثم ذمَّ التفرقة وزجر عنها فقال عزَّ من قائل: [ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ] إلى قوله: [ لعلكم تهتدون ].. وقال صلى الله عليه وسلم: " إن أقربكم مني مجلساً أحاسنكم أخلاقاً الموطّئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون ".
قال بعض الناصحين: ( لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرك ويستر عيبك فيكون معك في النوائب ويؤثرك بالرغائب وينشر حسنتك ويطوي سيئتك، فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك ).
وفي الأثر: أن أبا الدرداء رضي الله عنه مرّ على رجل قد أصاب ذنباً، فكانوا يسبَّونه فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قليب، ألم تكونوا مستخرجيه ؟ قالوا: بلى، قال: فلا تسُبُّوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم، قالوا: أفلا تبغضه ؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي ).
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظِلَّه يوم لا ظِلَّ إلا ظله فذكر منها: ( رجلان تحابا في الله واجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ).
وقوله عليه الصلاة السلام: أن رجلا زار أخاً له في الله فأرصد الله ملكاً فقال: أين تريد ؟ قال: أريد أن أزور أخي فلان، فقال: لحاجة لك عنده ؟ قال: لا. قال: لقرابة بينك وبينه ؟ قال: لا.
قال: فبنعمة لك عنده ؟. قال: لا. قال: فبمَ ؟ قال: أُحِبُّه في الله. قال: فإن الله أرسلني إليك أُخبِرك بأنه يُحِبُّك لحُبِّك إياه وقد أوجب لك الجنة. أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وشرط هذه الأُخوَّة: أن تكون لله وفي الله.. بحيث تخلو من شوائب الدنيا وعلائقها المادية بالكُلِّية ويكون الباعث عليها الإيمان بالله لا غيره، ومن آدابها فهي أن يكون المتخذ أخاً:
1- عاقلاً لأنه لا خير في أُخوَّة الأحمق وصحبته.
2- حسن الخلق.
3- تقياً ملازماً للكتاب والسنة.
أما حقوقها فهي:
1. المواساة بالمال
2. أن يكون كل منهما عوناً لصاحبه.
3. أن يكُفَّ عنه لسانه إلا بخير.
4. أن يعطيه من لسانه ما يحبه منه.
5. يعفو عن زلاَّته.
6. أن يفيَ له في الأخوة.
7. أن لا يُكلِّفه ما يشُقُّ عليه.
أنتَ في الناسِ تُقـاسُ بمن اخترت خليلا
فاصْحَبِ الأخيار تعلوُ وتنلْ ذِكْراً جميلا
وقبل الختام نُعرِّج على أعظم صحبة وأجلها، فقد كان الصديق رضي الله عنه رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته وهجرته وجهاده: فقدَّم روحه وماله فداءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونفعاً بالإسلام والمسلمين.. جعلنا الله وإياكم من المتحابِّين فيه وجمعنا ووالدينا وأبناءنا وأزواجنا وأقاربنا في جنات عدن.
منتقاة من كتب إسلامية